الثلاثاء، 22 يونيو 2021




  دراسة بحثية كبرى في جيوبوليتيكا (Geopolitics) النزاعات الدولية بعنوان:

جيوبوليتيك صراع القوى السياسية على السلطة حول الأرض من المنظور الوضعي الويستفالي و من المنظور ما بعد الوضعي و أثرها في صياغة التوجهات الخارجية للدول..

بقلم_يوسف القيصر_12_05_2021

1_مقدمة تمهيدية

2_تعريف جيوبوليتيكا (Geopolitics)

3_ تعريف علم الجيوستراتيجية

4_ توضيح الفرق بين علم الجيوبوليتيك و علم الجغرافيا السياسية

5_النزعة الألمانية ضمن المفاهيم الجيوبوليتيكية

6_مبادئ أسس تطور الدولة عند راتزل

7_الاتجاهات الفكرية و المدارس النظرية الجيوبوليتيكية

8_الصراعات الجيوبوليتكية حول موارد الطاقة: 

المراجع

كتاب الأصول العامة في الجغرافية السياسية و الجيوبوتيكا لمحمد رياض

كتاب الجيوبوليتيكا علم هندسة السياسة الخارجية للدول ل د محمد عبد السلام

دراسات أكاديمية

البعد الجيوسياسي للصراع الدولي حول الطاقة في الشرق الأوسط لمزيان محمد شريف

مدارك شخصية

==============

1_مقدمة تمهيدية

نظرا للتطور العلمي و المعرفي في حقل العلاقات الدولية و كون السياسة منذ القديم لها دور فاعل و هام جدا في مسيرة الأمم تطورت النظريات السياسية و أصبحت علما قائما بذاته يضم علوما شتى فتنوعت مدارسها و تعددت نظرياتها بشكل كبير وبرزت على السطح علوم أخرى تبحث في التوجهات الخارجية للدول يقوم ضمنها باحثون في البحث حول القوانين التي تُصيغ معاييرا و مفاهيما نظرية وتطبيقية جديدة للأوضاع ضمن هذه العلاقات وسنتطرق هنا إلى دراسة لإحدى مقاربات السياسات الدولية و نتكلم بهذا الصدد عن تأثير البعد الجغرافي على المجال السياسي والذي يسمى بعلم (الجيوبوليتيكا Geopolitics) و هو فرع مهم من العلوم السياسية و الذي يلعب دورا كبيرا في تغيير الأبعاد الجغرافية للدول..

=========

2_تعريف جيوبوليتيكا (Geopolitics)

فالسياسات بين الدول تخضع دائما لدينامية تصنعها عدة معايير حيث حددها (هانز مورغنثاو(Hans Morgenthau) و هو باحث في العلاقات الدولية في كتاب له معنون تحت اسم السياسة بين الأمم ( (Among Nations Politics 1948 وأخبرنا فيه بأن كل دولة لها مجموعة من الامكانيات خلاف الامكانيات العسكرية مثل العوامل الايديولوجية و الاقتصادية و الديموغرافية التي تساهم في رسم المشهد العام لسياساتها الخارجية مع الدول..

فالجيوبوليتيك نظرية تتبنى فلسفة السيطرة و القوة و جاء كآلية لرصد جانب التغيرات الجيوسياسية وأثرها في تغيير موازين القوى حيث أخذ هذا العلم حيزا هاما في الدراسات السياسية بشكل كبير كما كان له دور فعال في إبراز مظاهر السلوك السياسي ضمن علاقة الدول حين تتشابك المصالح حول مجال حيوي ذو قيمة سياسية داخل إطار جغرافي معين و هو في تعريفه العام انطلاقا من كلمة ( جيوبوليتيكا Geopolitics) يعني (علم سياسة الأرض) فهي تتكون من شقين Geo وهي الجغرافيا و Politic و هي السياسة فتعطينا الكلمتين المعنى الذي ذكرت و الذي يتمحور حول تأثير الأرض على السياسة ضمن العلاقات الدولية..

فعلم الجيوبوليتيك لم يكن وليد اليوم لكنه عُرف منذ القديم عندما بدأ المفكرون يهتمون بتأثيرات البيئة الجغرافية على الشُّؤون السياسية و كان المؤرخ اليوناني هيرودوت ( Hiroudot ) من الأوائل الذين ربطوا بين السياسة والجغرافيا ثم جاء الفيلسوف أرسطو ( Aristo) الذي كتب كتابه (السياسية) و تحدث فيه عن علاقة السياسة بالجغرافيا،لكن هذا العلم لم يعرف تطورا فعليا إلا مع قدوم أب الجغرافيا السياسية المفكر فريديريك راتزل(Frederik Ratzel) الذي يعتبر أول من أخرج مصطلح الجغرافيا السياسية إلى الوجود سنة 1897 في كتابه الشهير "الجغرافيا السياسية Politische Geographie" وكانت نظريته من منطلق نظرية داروين ( Darwin ) في التطور البيولوجي..

============

3_ تعريف علم الجيوستراتيجية:

لقد جاء علم الجيوستراتيجية كآلية سلمية لتطوير اقتصاد الدولة و الرفع من أمنها القومي الداخلي و أيضا تطوير سبل الدفاع عن الحدود الترابية ضد أطماع أجنبية 


=======

4_ توضيح الفرق بين علم الجيوبوليتيك و علم الجغرافيا السياسية

و قبل المضي في الحديث يجب توضيح فرق هام بين علم الجيوبوليتيك و علم الجغرافيا السياسية فهذه الأخير تتعامل مع الدولة كمجال استاتيكي بدراسة امكانياتها الجغرافية و تُعنى بتحليل الموارد البشرية و الطبيعية و الاقتصادية سياسيا و تحديد السلبيات والايجابيات التي من شأنها أن تأثر في السلوك السياسي للدولة و ترصد التحركات البشرية ضمن سياساتها الداخلية و الخارجية و العسكرية و الدولة هي محور الدراسة في حين أن علم الجيوبوليتيك يذهب لأبعد من هذا بحيث يتعامل مع الدولة كشيء حي ينمو عبر التوسع الاستعماري و يتمحور حول الصراع الدولي على الأرض و يقوم على دراسات مستقبلية و رؤى سياسية على ضوء المنطقة الجغرافية للخروج بحلول دبلوماسية أو استراتيجيات عسكرية و يعتمد على التفاعلات البشرية كآلية لوضع رؤى للخريطة المستقبلية للدولة و يبقى الفرق بينهما أن الجغرافيا السياسية تبحث عن الأوضاع السياسية في مرحلة الحاضر في حين أن الجيبوليتيك يضع لها تصورات في المستقبل القادم..

و بالتالي فأهم الفروقات بين العلمين تتلخص في المحاور التالية:

1_الجغرافيا السياسية تُعنى بدراسة الامكانات الجغرافية المتاحة لدولة ما ضمن سلطة الأرض التي تملكها في حين أن الجيبوليتيك يبحث في إمكانيات نمو الدولة عبر حدود أخرى لدول مجاورة

2_الجغرافيا السياسية تهتم بدراسة الحاضر و الجيبوليتيك يهتم بدراسة المستقبل

3_يختلف المنظور للدولة من كل منها فالجغرافيا السياسية تعتبرها وحدة استاتيكية و الجيبوليتيك يعتبرها كائنا عضويا.

4_الجغرافيا السياسية علم ثابت على عكس الجيبوليتيك الذي يمتاز بديناميكيته.

=======

5_النزعة الألمانية ضمن المفاهيم الجيوبوليتيكية:

و ساهمت جامعات سويدية و فرنسية و انجليزية و بولندية في نشر مفاهيم الجيوبوليتيك إلا أن الألمان استعملوا مبادئ الجيوبوليتيك بطريقة مبالغ فيها و أسسوا أيضا أول مدرسة من نوعها تختص بعلم الجيوبوليتيك في 1924 حيث أُنشئت من طرف الجمعية الجغرافية الألمانية برئاسة العالم الجغرافي (كارل هوسهوفر ) و كان مقرها بميونيخ،و في الحرب العالمية الثانية وصلت الجيوبوليتيك إلى منزلة كبرى بين العلوم لكن بعد هزيمة ألمانيا تغير المفهوم حيث اقترن الاسم عند الألمانيين و الروس خصوصا  بالأطماع الجغرافية الاستعمارية مما أكسبه سمعة غير حسنة كما أدانه البعض و منهم عالم الجغرافيا (ريتشارد هريتشهورن) و وصفها بأنها فكر تسممي و كان انتقاد الكثيرين لها كونها أتاحت لهتلر أن يضفي شرعية على سياساته التوسعية الاستعمارية،كما أن بعض الدول قد منعت تدريس هذا العلم في جامعاتها كونه يحض على الكراهية و يدعو للأطماع القومية..

 

=========

6_مبادئ أسس تطور الدولة عند راتزل:

و وضع راتزل في كتابه أسس تطور الدولة و حدده في سبعة قوانين أساسية:

1_ الحضارة و الثقافة الخاصة بالدولة فعلان أساسيان لنمو رقعة الدولة .

2_ الحفاظ على حدود الدولة أولوية كبرى للحفاظ عليها.

3_لكي تتسع الدولة يجب أن تمتد على حساب الأقاليم ذات القيمة السياسية

4_الدولة دائمة التوسع بإضافة وحدات أخرى من الأرض لكيانها الجغرافي.

5_الأسباب و الدوافع لتوسع أي دولة يأتي من الخارج و ليس من الداخل.

6_التوسع ينتقل من دولة إلى أخرى ثم تتزايد وتيرته بشكل سريع.

7_ الجغرافية هي من أهم أسس سياسة الدولة 

=============

7_الاتجاهات الفكرية و المدارس النظرية الجيوبوليتيكية 

و نظرا  لتعدد الاتجاهات الفكرية و المدارس النظرية فقد اتخذ تعريف (الجيوبوليتيك) عدة صيغ اتفقت كلها في معناها العام حول الأرض و تباينت في بعض معاييرها و هذا سيقودنا إلى تعريف الجيوبوليتيكا من منظور وجهة نظر عدة مدارس نظرية :

 1_يأتي على رأس القائمة (رودولف كيلين - (Rudolf Kjellen و هو أول باحث استخدم مصطلح الجيوبوليتيك في كتابه "الدولة مظهر من مظاهر الحياة" و ذلك عام 1905 م حيث أكد في كتابه على أن صانع القرار السياسي يستطيع أن يجعل من الأرض كموقع جغرافي حيوي تحركها الدولة كآلية قوة في التعبير عن مواقفها السياسية و قال بهذا الصدد بما معناه :"دراسة البيئة الطبيعية للدولة، وأنَّ أهم ما تُعنى به الدولة هو القوة، كما أنَّ حياة الدول تعتمد على التربّية والثَّقافة والاقتصاد، والحكم وقوّة السلطان".

2_و عرّفه (بيار ماري كلاوس - Piene Marie Gallois) على أن الجيوبوليتيكا هي "دراسة العلاقات الموجودة بين تسيير أو قيادة القوة على المستوى العالمي والإطار الجغرافي الذي تمارس فيه".

3_أما ( كارل هاوسهوفر - Karle Hawshofer) فقد خرج بتعريف رابع و قال بهذا الصّدد بأنَّه: "العلم القومي الجديد للدولة،و هي عقيدة تقوم على حتمية المجال الحيّوي بالنسبة لكل العمليات السياسية".

4_في حين عرفه رابع و يدعى (بارتس شابمن - Bert Chapman) بأنه "العلم الذّي يعكس الواقع الدولي ومجموعة القوى العالمية المنبثقة عن تفاعل الجغرافيا من جهة، والتكنولوجيا والتنمية الاقتصادية من جهة أخرى، وتتسم بالطابع الديناميكي لا الثابت".

5_و يأتي( أما إف لاكوست - Yves Lacoste )  و يقول في تعريف الجيوبوليتيكا بأنه"دراسة لمختلف أشكال صراع السلطة على الأرض، والقدرة تقاس بالموارد التي يحتويها الإقليم وبالقدرة على التخطيط خارج الإقليم“.

و هذه التعاريف المختلفة قد أعطت مفهومين جيبيلوكيين مختلفين و الباحثين الثلاثة الأوائل حددوا المفهوم في حيز ضيق و ربطوه بالأرض و المكان الجغرافي فقط و سمي هذا المنظور أيضا بالمنطلق الجيوبوليتيكي العدواني..

أما كل من (بارتس شابمن) و (أما إف لاكوست) فقد كان تعريفهما للجيوبوليتيكا من منظور واسع الرؤى ولم ينحصر مفهومها حول سلطة الأرض فقط لكن دخل ضمنه الموارد الطبيعية التي تتوفر عليها كل دولة بما فيها من موارد طبيعية و تنمية بشرية و تكنلوجيا  

=========

8_الصراعات الجيوبوليتكية حول موارد الطاقة: 

و خلاف الصراعات الجبيولوتكية للدول حول سلطة الأرض يبرز صراع اخر لا يقل عنه أهمية و هو الصراع حول الطاقة كمورد فاعل في خلق مجال النفوذ القوي فالموارد الطاقية تعد موردا حيويا في كل بقاع العالم مما يجعل لها سلطة كبرى في رسم السياسات ضمن العلاقات الدولية و لها دور جوهري في توجيه سياسات الدول،و لأنها المحرك الأول لكل اقتصاديات الدول كونها مصدر أساسي لا غنى عنه لتشغيل المصانع و تسيير الاليات و تحريك وسائل النقل فقد اعتُبرت أهم آلية فاعلة في صناعة مجالات للنفوذ و التحكم في ميزان القوى الإستراتيجي،و قد استُعملت كثيرا كسلاح استراتيجي قوي و آلية للضغط من أجل السيطرة (Geopolitical influence on energy) 

بقلم_يوسف القيصر_12_05_2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 تعريف الأمن القومي برؤية جديدة من القيصر بعنوان: الأمن القومي مؤسسة كبرى داخل الدولة تُعتمد كإطار فكري استراتيجي يدخل في التكوين الفلسفي وا...