دراسة في فلسفة الذرائع البراغاماتية: ((Pragmatism)) و السياسات الامريكية بعنوان:
البراغاماتية في دولة المؤسسات منهج فلسفي بفكر و رؤى جديدة تختزل في معاييرها عامل المُثُل و القيم لإيجاد الذرائع في المصالح السياسية و الاقتصادية وتحقيق المصلحة النفعية ..
بقلم_القيصر_11-03-2021
إن النظريات الفلسفية الغربية في العصر الحديث عرفت امتدادا و تحولا كبيرين ولعل أهمها فلسفة الذرائع البراغاماتية التي تعتبر بلا شك انعطافة كبرى في تاريخ دولة المؤسسات تهاوت معها كل الأطروحات والنظريات الفلسفية الاخرى،والتي أثَّرت في بنية النظام العالمي بشكل كبير جدا، و قد ظهرت بشكل واضح في سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الداخلية و الخارجية بشكل عام و مع الدول العربية و المسلمة بشكل خاص،فما حدث في أفغانستان و العراق لم يكن وراءه أسباب قوية بقدر ما كانت خلفه ذرائع و مصالح خفية جعلتها تنهج خطة الهجوم و الابادة بدل التأني و التريث و نبذت سياسة السلم و السلام اللذان يعتبران شعاران لاغيان عندها عندما يتعلق الامر بالنفع والمصالح ،كما أن الطريقة التي عالجت بها ملف إيران النووي نجد أن وراءه أيضا ذرائع كبرى إذا رأينا كيف كانت تظغط على إيران و تهددها بوقف تجاربها النووية و في نفس الوقت تدعم حق اسرائيل بحقها في هذه التجارب،سياستين متناقضتين لا يجيزهما الا منهج الذريعة وحده كما أن حيثيات الملف الكوري النووي فيه كـمٌّ هائل من المزالق الذرائعية الكبيرة و الواضحة..ناهيك عن عدد كبير من الاحداث على مستوى المنطقة العربية تظهر فيها بصمة الذرائع جلية واضحة ، وسأرحل بكم في جولة تعريفية حتى نعرف حيثيات هذه الفلسفة التي غيرت أنظمة دولة المؤسسات بشكل جذري و عميق جدا..
إن هذه المنهجية مبدأ فلسفي تأسس على جذور الفلسفة الانجلو ساكسونية المنبثقة عن فلسفة التجربة و الخبرة الاروبية و تغلغل في جذور نظام الولايات المتحدة الامريكية بسرعة وقوة كبيرين و غير فيها في وقت وجيز كثيرا من المبادئ و القيم وأحلّ محلها مفاهيما جديدة ترسخت كعقيدة ثابتة في عمق الفكر الامريكي لا يزعزعها أي شيء،أشياء غيرت في خطابها السياسي الكثير من المعايير و المفاهيم حيث أسّس هذا المذهب الجديد فلسفة فكرية عصرية انعكست بشكل جلي في تجربة السياسات الامريكية بكل تياراتها وأنظمتها بلا استثناء..
فتوظيف الفكر البراغاماتي في الخطاب السياسي قد غير في دولة المؤسسات كثيرا من القناعات الوطنية و الثوابث المترسخة و جاء بإيدولوجية بديلة دخلت إلى عالم السياسة والاقتصاد بشكل قوي و غير مسبوق في تاريخ مضى حـيث بلـورت منظومة الـقيم الامـريكية بمفاهيم جديدة انتظمت مع الطروحات السياسية والاقـتصادية الاخرى الفـردية والحرية و الليبيرالية بشكل واسع و لاقت قبولا كبيرا عند قيادات أبناء العـم سام كفلسفة اعتُمِدت كمنجية عملية وأصبحت من أهم مظاهر تجليات الفكر السياسي الأمريكي ، فهي أول فكر يغير الوجه العام لملامح التيارات السياسات والاقتصادية معا و بشكل كبير إذ تعمقت مبادؤها داخل كل الأنظمة وأصبحت جزءا لا يتجزأ منها..
و قبل المضي في الحيثيات سأقدم تعريفا مختصرا عنها فالمصطلح من أصل يوناني (pragma)و هي تعتبر تقليدا فلسفيا شهيرا ومذهبا عمليا و ماديا أيضا ومنهج تهمه المعرفة من زاوية فعاليتها أي نتائجها و لا تهمه هذه المعرفة كحقيقة مطلقة ،و يرجع تاريخ نشأتها الى حوالي عام 1870 بالولايات المتحة الأمريكية و كان من مؤسيسها الاوائل كل من الفلاسفة تشارلز ساندرز و جون ديوي تشارلز ساندرز بيرس،ويعتبر هذا الاخير هو أول من ابتكر المصطلح في الفلسفة المعاصرة سنة 1878 توصل إليه بعد دراسته للفيلسوف الألماني إيمانويل كانط..و قد قال في تعريفها(فكر في التأثيرات العملية للأدوات من خلال تصورك ثم، فإن تصورك لهذه التأثيرات هو كل تصورك لتلك الأدوات).
في حين يعتبر جون ديوي الذي كان متأثرا كثيرا بداروين و نظريته بخصوص النشوء والارتقاء هو الذي رسخ أسسها و قد عرَّفها بأنها(فلسفة معاكسة للفلسفة القديمة التي تبدأ بالتصورات، وبقدر صدق هذه التصورات تكون النتائج، فهي تدعُ الواقع يفرض على البشر معـنى الحقيـقة ، و ليس هناك حق أو حقيقة ابتدائية تفرض نـفسها على الواقع)..د
فالبراغاماتية كنظرية و مدرسة سياسية أسهمت معاييرها في هيكلة النظام الامريكي ولعبت دورا مهما في تطور الولايات المتحدة الامريكية حيث تأقلمت مع نُظُمها بسرعة وبشكل كبير أيضا ،و تأسست على ثلاثة معايير سميت بثالوت الفلسفة الذرائعي هي (الفكرة أو الموضوع) و ( التجربة والعمل) و(النتائج و التحقيق) حيث اعتمدت النتائج العملية كمعيار أول للحقيقة ولاقت بمعاييرها قبولا كبيرا في الولايات المتحدة الامريكي موطن نشأتها الاول لدى شريحة كبرى من السياسيين و رجال الأعمال الأمريكين،وقد أخذت مكانها بقوة كتيار فكري بين كل التيارات الأمريكية بجميع أنساقها الليبيرالية واليسارية و الديموقراطية و الاقليات أيضا كطريقة بحث علمية و منهجية عمل نفعية بالدرجة الاولى ذات مبدإ يرجو المصلحة فقط قبل كل شيء بغض النظر عن القيم والاخلاق، و تعددت استعمالاتها كثيرا في السياسات الامريكية لكن حسب المنفعة والمصالح فقط فأحيانا تستعملها كذريعة للتحالف والمعاهدات وأحيانا لقمع الاعداء وابادة الشعوب ..
المراجع_
1-الذريعة في الفلسفة البراغاماتية و انعكاسها على السياسة الخارجية الامريكية في القرن الواحد و العشرين_لنزار نجيب محمد
2-الفلسفة الامريكية بين الليبيرالية و البراغاماتية شارل بيرل نموذجا\أطروحة مقدمة لنيل الدكتوراه في الفلسفة
-دراسات من النت
حررها القيصر بتاريخ 11-03-2021_ و وثقت برابطة القيصر للمبدعين العرب للتوثيق بتاريخ_31-03-2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق