✍️دراسة في الاستراتيجية الامريكية بالشرق الاوسط بعنوان:
حقيقة مساعي الولايات المتحدة في تغيير البنية الأساسية إلى الشرق الأوسط الكبير وراءه أطماع كبرى لطمس العروبة بشكل جذري وإدماج اسرائيل في بنية النسيج العربي والهيمنة على المنطقة العربية ككل..️✍️
بقلم يوسف القيصر_10-02-2021
تمهيد_مقدمة تاريخية
إن المنطقة العربية منذ عقود و هي تشغل حيزا هاما في الفكر السياسي الأمريكي المعاصر لما لها من مكانة استراتيجية و جيوسياسية مهمة ناهيك عن مواردها الهائلة وثروتها النفطية التي لا تنضب،و هذه كلها أشياء عكست استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية الدائمة للهيمنة على المنطقة بشكل متواصل ممنهج و دؤوب..فالشرق الأوسط و المنطقة العربية عموما و منذ تاريخ طويل كانا دائما ضمن الاستراتيجيات الغربية المتصارعة و بعد زوال الاستعمارين الفرنسي و البريطاني بسطت دولة العم سام يدها على المنطقة بشكل مفاجئ و سريع و تمثَّل في الإطاحة بنظام مصدق في إيران وتولية الشاه ثم جاء الرئيس الاميركي إيزنهاور بمبدأ سياسة ملئ الفراغ كي تحل بموجبه الولايات المتحدة محل الاستعمارين البريطاني والفرنسي و بعدها أصبح لهذا التدخل صبغة أخرى و تحول إلى استخدام قواتها العسكرية داخل الحدود العربية متخذة الأوضاع في لبنان و الأردن كذريعة وحافز،ثم تلته تدخلات أخرى لا يأتي المجال لذكرها حتى هيمنت على المنطقة بشكل واسع و كبير..
الدراسة_
إن قراءة الأحداث في الوقت الراهن بالمنطقة العربية بما فيها من تحركات ومتغيرات تُظهر لنا أن المخططات في هذه المنطقة الساخنة تسير حثيثا حيثما أراد لها الراعي الامريكي منذ اطلاق مشروع الشرق الاوسط الكبير سنة 2004، كما أن ملامح الأجندة الامريكية وتوجهاتها بخصوص الملفات الشرق أوسطية أصبحت مكشوفة و واضحة وضوح الشمس في كبد السماء،ومن جهة أخرى فقد أكد نشطاء استراتيجيون وخبراء من الذين اطلعوا على صفقة القرن قد أكدوا فعلا أنه يتم حاليا تنفيذ هذه المخططات كما انه منذ ذلك الحين وأجندة الولايات المتحدة الامريكية تضع في سياساتها الملف العربي في أهم مهامها كأولوية ملحة و قصوى نظرا لأن أهميتها في الأمن القومي الأمريكي ازدادت كثيرا عن السابق في ضل التحولات الجديدة والتغيرات السياسية التي طرأت على مستوى العالم..
و سأذكر لكم نبذة تاريخية هي جذور لما يحصل اليوم و سأعود بحضراتكم إلى تاريخ مضى ب40 سنة إلى الوراء و بالظبط الى سنة 1980ونتذكر ما قاله المستشرق والمؤرخ (برنارد لويس) وهو عنصري بغيض من أصل يهودي يكره المسلمين بشدة قال بأن العرب و المسلمين فاسدين و فوضويين و يجب استعمارهم و تقسيمهم وطمس كل معتقداتهم الدينية،وخرج آنذاك بنظرية استعمارية عنصرية بحثة حيث قال بأن الاستعمار هو نعمة للدول العربية لتخليصها من الجهل و التخلف اللذان زرعهما فيها الاسلام حيث وضع آنذاك أول مخطط مدعم بالخرائط لتقسيم الدول العربية و تمزيقها..
فما قاله الصهيوني لويس هو حقيقة ما نراه اليوم و ليس سرابا فهو امتداد لهذا الكره الأعمى من طرف الصهاينة و حلفائهم الغربيين وأن ما قالته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس في تاريخ مضى بما وصفته تحويل المنطقة العربية نحو نموذج للديمقراطية حتى تنفتح على العالم بمزيد من الرقي و الازدهار ما هو الا مؤامرة قد صدقها الابرياء فقط و أن هذه استراتيجية أمبريالية لا زالت سارية بدون توقف منذ ذلك الحين لتغيير معالم العالم الاسلامي وطمس الهوية العربية..
فمنطقة الشرق الاوسط منذ زمن و هي تحتل حيزا هاما من اهتمام السياسات الأمريكية كمنطقة استراتيجية و تنبع أهميتها كموقع هام لبناء أكبر عدد من القواعد العسكرية لإثبات التفوق العسكري الامريكي و أيضا لتواجد المنطقة في تقاطع خطوط ملاحية دولية و توفرها على احتياطي كبـير من النفط و كلها دوافع و أخرى تبين الأسباب الكبرى وراء مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي حِيكت تفاصيله في الحفلات الامبريالية الصهيونية و هو يعتبر نسخة متقدمة من ( سايكس بيكو 1 ) الذي نُفذ في 1916وتتضح الحقيقة جلية مما نراه اليوم و نلمسه من تغييرات جذرية ومتسارعة في المنطقة العربية على ضوء الممارسات التي تنهجها السياسة الأمريكية حاليا،و على ضوء المعطيات الجديدة نرى منذ فترة تزايد ملفت للنظر للاهتمامات التي تبديها السياسة الامريكية بمنطقتنا العربية مقاصدٌ تُظهر وراءها أسبابا ظاهرها خلاف باطنها بحيث تكرر أسطوانتها الشهيرة وتتكلم عن أهمية الاصلاح السياسي والاقتصادي بالمنطقة وعن مبادراتها النبيلة في إرساء أسس المبادئ الغربية و نشر قيم المحبة و السلام و حقوق الانسان النابعة من الديموقراطية و العدالة النبيلة و كلها شعارات فارغة و مزيفة حتى يستتب لها الوضع ثم تعمل على تغيير البنية جذريا و كليا و تحويل المنطقة الى الشرق الأوسط الكبير أو الجديد الذي خططت له منذ ذلك الحين بشكل يلبي مصالحها و خياراتها السياسية ،فهي تسعى دائما لعَلمنة العالم العربي و دَمَقرطة نُظمه و صبغها بمعايير تلائم مخططاتهم الاستعمارية الكبرى..
إن هذا المخطط الاستعماري الكبير الذي وضعته إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش سنة 2004 و وُضع فيه الشرق الاوسط كهدف رئيسي يعتبر أكبر مشروع قامت به الولايات المتحدة على الاطلاق و هي تعتبر نجاحه كجزء هام من تحقيق ما يسمى بالقرن الامريكي،فهي خطة أمبريالية خبيثة تحمل لنا أكبر مؤامرة حاكتها العقول السياسية الامريكية و الصهيونية حول العالم الاسلامي كمخطط عملاق لإخضاع العرب بالشرق الاوسط والمسلمين الاسيويين وبقية الدول الاسلامية المجاورة الى سيطرة الامبراطورية الامريكية الغاشمة و طمس معالم العروبة و الدين الاسلامي الحنيف..
و هذا المخطط كان واضحا منذ البدايات الاولى و لا ننسى ما ذكره سنة 2006 "رالف بيترز" و هو كولونيل متقاعد من الأكاديمية الحربية الوطنية الأمريكية حيث قام بنشر مقالة طويلة بعنوان _حدود الدم_ من كتابه (لا تترك القتال ابدا) وتكلم فيه عن الصراعات في الشرق الاوسط وعن شرق أوسط أمريكي جديد و كبير ،ولمن يهمه الامر الاطلاع على المقالة في النت..
و برجوعنا الى أبعاد هذه المؤامرة الكبرى فهي امتداد لما حصل في العراق و ما حصل في أفغانستان و العراق ما حصل أيضا من ممارسات و ظغوطات على بعض الدول العربية منذ فترة لتغيير سياساتها بخصوص الاعلام و التعليم و مختلف البُنى التحتية حتى تصبح شبيهة تماما بايدولوجية أمريكا الأمبريالية ،و سأبسط لكم بعض الحيثيات الهامة في دراستنا وهي بخصوص بعض المفاهيم الجغرافية ، أولا فالشرق الاوسط بحدوده الجغرافية الحالية يمتد من ليبيا غربا الى إيران شرقا و من سوريا شمالا الى اليمن جنوبا هذا حسب تعريف وكالة الطاقة الذرية الدولية الذي قدمته لنا سنة 1989 في حين ذهب اخرون قالوا بانه يضم كل الدول الاعضاء في جامعة الدول العربية ..
أما الشرق الاوسط الكبير و الذي وُضع في أولويات أجندة السياسة الامريكية فهو منطقة جغرافية كبرى ستضم كلا من الشرق الاوسط و (الشرق الأدنى)* إضافة إلى دول شمال افريقيا و إسرائيل ،وعندما نجد ان الخطة وضعت اسرائيل في هذه الهيكلة الجديدة فلن يتبقى لنا أدنى شك عن الاغراض الدنيئة لهذا المخطط الاستعماري الخبيث..
فأهداف هذا المخطط الامريكي ذو النكهة الصهيونية واضحة وضوح الشمس منها الأهداف الأولى التي ذكرت إضافة إلى هدفين كبيرين و خطيرين هما مربط الفرس، فالاول رغبتهم في خلط العرب و دمجهم مع قوميات كثيرة حتى تطمس عروبتهم نهائيا كجزء من سلخ الصفات القومية و الهوية العربية،والثاني ونأتي هنا الى سبب جوهري في هذا المشروع والمخطَّط له بدقة و هو إدماج اسرائيل ضمن الحدود الجغرافية للشرق الاوسط لكي تصبح جزءا لايتجزأ من هذا الكيان العربي..
المرجع الاساسي_كتاب مشروع الشرق الأوسط الكبير و السياسة الخارجية الامريكية لرايق سليم بريزات
رسالة الماجستير لمؤيد حمزة عباس بعنوان الاستراتيجية الامريكية في منطقةىالشرق الاوسط بعد 11أيلول 2001
مقالة_حدود الدم لكولونيل متقاعد من الأكاديمية الحربية الامريكية
مقالات متفرقة من النت
حررها القيصر بتاريخ 11-10-2020 ووثقت بتاريخ_ _برابطة القيصر للمبدعين العرب للنشر و التوثيق
هوامش
*الشرق الأدنى : (يعود تاريخ استخدام المصطلح للقرن التاسع عشر و سمي بالأدنى كتحديد جغرافي لدول الشرق الاقرب الى شرق أوروبا حيث يليه الشرق الاوسط ثم الشرق الأقصى و الشرق الادنى في حدوده الجغرافية يضم مصر العراق تركيا سوريا الاردن سوريافلسطين و لبنان)